وصلني قبل ساعات خبر وفاة عملاق الرياضة الملاكم الفقيد محمد علي كلاي فحزنت على رحيله وقررت أن أكتب هذه الكلمات المتواضعة عنه رثاء وواجبا وحقا له. تذكرت يوما في عام 1974م وأنا لا زلت في لندن أواصل دراستي، في تلك الليلة وضعت الراديو بجوار وسادتي لكي أتابع مباراة الراحل محمد علي كلاي ضد خصمه جو فورمان في غابات دولة زائير في أفريقيا، حيث منع الراحل من الملاكمة من قبل المحكمة في الولايات المتحدة الأمريكية لأنه رفض التجنيد والذهاب إلى فيتنام للقتال، وقال: أنا مسلم أمرت بأن لا أقتل نفسا واحدة بدون ذنب، فإن فعلت كأنني قتلت الناس جميعا، لذا أرفض التجنيد. لذلك ذهب إلى زائير لملاكمة خصمه جورج فورمان، وتوقع الكثيرون وقتها إن صمد محمد علي أمام لكمات جو فورمان الهائلة أن يفوز بالنقاط، ولكنهم استبعدوا هذه المفاجأة أو أن يفوز فورمان كعادته بالضربة القاضية، لكن أسطورة الملاكمة بالفعل نجح في فعل الاثنين، صمد وفاز بالقاضية في تلك المباراة الشهيرة، وأشعل قلوب الجماهير الزائيرية التي رأت فيه الأسمر المسلم الذي افتخر بجذوره الأفريقية، وخاض مباراة تكتيكية نادرة أمام منافس يفوقه من حيث قوة العضلات واللكمات والإعداد البدني، ويصغره بثمانية أعوام سنا، فكان الإعلام يعلن «زئير الأسد في غابة زائير». عندما سئل محمد علي كلاي من قبل أحد الصحفيين أمام العالم كله: لماذا اعتنقت دين الإسلام؟ كان رد الراحل قويا مؤمنا تقيا إذ قال: في جميع الديانات اللون الأسود يصنف بالسوء، ولكن في الإسلام اللون الأسود له مكانة غالية، فعندما يعبدون الله في صلاتهم يتجهون نحو بيت الله الحرام، الذي به الكعبة المشرفة التي ترتدي الرداء الأسود وبها الحجر الأسود. وفي دين الإسلام حرم الله قتل النفس بل أمر بإحيائها. وسرد محمد علي أمام الجميع قول الله تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا..) الآية. هكذا كان محمد علي كلاي بعدما اعتنق الإسلام. يرحمك الله يا محمد علي كلاي. رمضان مبارك وكل عام وأنتم بخير.